في خريف العام 1983، وكنتُ أستاذاً زائراً بجامعة فيينا، دعتني بلدية العاصمة النمساوية الشهيرة إلى جانب عشراتٍ من الأكاديميين لحضور الاحتفال بالذكرى الثلاثمائة لهزيمة الجيوش العثمانية أمام أسوار فيينا عام 1683. التاريخ يقول إنّ هذا الوصول العثماني إلى فيينا لم يكن الأول، لكنه بالفعل كان الأخير. وقد رَمَز إلى الانقلاب الهائل الذي حدث في موازين القوى بين الدولة العثمانية وأوروبا في القرن السابع عشر. والمقصود هنا ليس الحديث عن آثار ذاك الانقلاب في مصائر الشرق والغرب، بل عن الكيفية أو الكيفيات التي دأب المنتصرون على صياغتها وإعادة صياغتها من أجل تعقُّلها في ضوء قضايا الحاضر ومشكلاته. كان من بين الذين استمعنا إلى كلماتهم بالمناسبة المستشار الألماني الأسبق هلموت شميت Schmidt. وما كنتُ لأتذكر بعض ما قاله إلاّ لأنه أعاد نشْرَ "محاضرته" - كما قال، في الصحيفة الألمانية الأُسبوعية الشهيرة Die Zeit (الزمان)، وأظن أنه كان يرأس تحريرها آنذاك. شميت قال إن المغايرة أوالغيرية هي التي حكمت على العثمانيين لي...
المزيد>>>